السلام عليكم
شرعت الأعياد في الاسلام لحكم سامية ولمقاصد عالية، فالعيد فرصة للفرح ولتقوية الروابط الاجتماعية، وهناك سنن وآداب وصى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاحتفال بالأعياد.
ان الأعياد في الاسلام شرعت لحكم سامية ولأغراض نبيلة منها ان تكون فرصة للترويج عن النفس من هموم الحياة وشرعت الأعياد أيضا لتكون فرصة لتوطيد العلاقات الاجتماعية ونشر المودة والرحمة بين المسلمين، وشرعت الأعياد لكي نشكر الله تعالى على تمام نعمته وفضله وتوفيقه لنا على اتمام العبادات.
و تختلف عن الأعياد في غير الاسلام، ففي الاسلام ارتبطت الأعياد بأداء الفرائض وتكون فرحة العيد بالتوفيق في أداء الفريضة فالذين يصومون لهم الحق أن يفرحوا بالعيد لأنهم أدوا فريضة الصوم والذين يحجون لهم أيضا أن يفرحوا لأنهم أدوا فريضة الحج.
و ربط العيد بأداء الواجب وهو معنى سام يختلف عن المناسبات الدنيوية، فالاسلام سما بمعنى العيد وربط فرحة العيد بالتوفيق في أداء الفرائض ولذلك فإن العيد يعتبر من شعائر العبادة في الاسلام.
«التمسك بصحيح الدين والاهتمام بالمعنى الجوهري للاسلام والبعد عن السطحية وتدعيم أواصر التعاون والتكافل بين أبناء المجتمع الواحد حتى نستطيع الخروج من المأزق الذي نمر به ويتحقق ذلك بالعودة الى الاسلام الصحيح والتصالح مع الله».
لم تشرع الأعياد في الاسلام من أجل الفرح المجرد وانما شرعت لكي تستكمل حلقة البر في المجتمع الاسلامي، فاذا كان البر في الايام العادية عادة فردية ففي أيام الأعياد يصبح البر قضية اجتماعية لقول النبي صلى الله عليه وسلم مطالبا الاغنياء بألا يتركوا الفقراء لفقرهم: «اغنوهم عن السؤال في هذا اليوم» هذا فيما يخص زكاة الفطر، والاسلام لم يسن الأضحية ليشبع أصحاب الأضحية من اللحم ولكن ليشبع الفقراء من اللحم الذي ربما لايذوقونه طوال أيام السنة يقول الله تعالى: «ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم اذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس اولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون».
«آتى المال على حبه» يشمل جميع ألوان ذوي الحاجات فلم يترك طبقة من الطبقات إلا وشملها هذا الفيض من الله، فالمجتمع لا يعيش إلا بهذا التراحم. هذا ما دعا اليه الاسلام وما استهدفته من معنى الايعاد فليس الاعياد مناسبة المعنى في الافراح الطائشة أو احياء التقاليد الموروثة أو انتشار المبدع.
فما أحوجنا ان نعلم ابناءنا المفهوم العميق للعيد الذي يدعو اليه القرآن ويجب ان نتوقف أمام سنة الاضحية في الاسلام، فقد شرع الاسلام ان نقسم الاضحية الى ثلاثة اقسام قسم لصاحب الاضحية وأولاده وقسم للفقراء وقسم للاحباء والأصدقاء ومعنى ذلك ان الاسلام يسوي بين درجات المجتمع وبين طبقاته لا يدع طبقة تتميز دون أخرى لأن الطبقية ليس من الاسلام فاذا انقسم المجتمع الى طبقات تكون الطبقية اخطر وأضر شيء على وجود المجتمع لانها تعرض المجتمع لئن يفتك به الحقد والحسد.
ان الاسلام لا ينكر الدرجات وهي تميز بعض الافراد ولا يخلو أي مجتمع من افراد متميزين رفعهم الاسلام درجات لكن لم يرض ان يكونوا متكبرين أو متجبرين لقول الله تعالى: «رفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً» فالاسلام لا يقبل الانقسام الطبقي ولكن يقبل التميز الفردي وفي العيد تتلاشى روح الطبقية ويتساوى الجميع والفقراء والاغنياء في منظومة رائعة أساسها التكافل الاجتماعي الذي دعا إليه الاسلام.
ان من ضوابط الاسلام في الاحتفال بالأعياد ألا يتخللها منكرا أو بدعة فالعيد في منهج الاسلام بهجة وفرحة وسرور وشكر لله على التوفيق لأداء فريضة الصيام أو الحج. وواجب المسلمين في هذا اليوم التزاور والتراحم بينهم وبين بعضهم البعض ومراعاة الآداب التي وضعتها الشريعة الاسلامية للاحتفال بالعيد ومراعاة حرمات الله تعالى فلا يجوز ان يكون يوم العيد يوم حزن أو هم بالبكاء والندب على الراحلين وانما يكون يوم بهجة وسرور.
و ان الاعياد لم تشرع لتكون مناسبات فارغة المحتوى والمضمون من الدلالات الأخلاقية والانسانية ليكون موسما للمباراة في مظاهر السفه والترف وانفاق المال في غير موضعه والخروج عن كل معقول ومقبول من سلوكيات السلام وآدابه وجمالياته المعنوية والحسية من مساعدة للمحتاج وبر الوالدين وصلة الأرحام.
وعن أثر العيد في تجديد الروابط الانسانية ان الله سبحانه وتعالى تكرم على عباده المؤمنين بأن شرع لهم الأعياد، ففي العيد تتجلى السلوكيات الطيبة والأخلاق الحميدة فيسارع الناس الى تبادل التهاني بقدوم العيد ويتصالح المتخاصمون وتعقد مجالس الحب والتراحم والمودة وتزول الاحقاد من النفوس فتتجدد العلاقات الانسانية وتقوى الروابط الاجتماعية وتنمو القيم الاخلاقية وتعلو قيمة التآخي والتعاون والبذل والعطاء والجود والكرم والتراحم والتعاطف.