ما حكم الإسلام في ترفيع الحواجب عند النساء مع ذكر الأحاديث الخاصة بهذا الموضوع إن أمكن ؟ .
الحمد لله
أولا :
لقد حرم الله تعالى على المرأة أن تأخذ من شعر حاجبها شيئاً أو أن تزيله - وهذا يسمى في اللغة النمص – وهو محرم بالأدلة التالية :
1. قال الله تعالى : ( إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا . لَّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا . وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا } النساء / 117 – 119 .
والشاهد في الآية : أن إبليس سيأمر الناس بتغيير خلق الله تعالى وقد فسره بعض المفسرين بأن المقصود به هنا في الآية هو الوشم والنمص والتفليج كما سيأتي .
قال القرطبي في تفسير هذه الآية :
وقالت طائفة : الإشارة بالتغيير إلى الوشم وما جرى مجراه من التصنع للحسن ، قاله ابن مسعود والحسن .
" تفسير القرطبي " ( 5 / 392 ) .
2. عن عبد الله قال : " لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب فجاءت فقالت : إنه بلغني أنك لعنت كيت وكيت ، فقال : ومالي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن هو في كتاب الله ؟ فقالت : لقد قرأتُ ما بين اللوحين فما وجدت فيه ما تقول ، قال : لئن كنتِ قرأتيه لقد وجدتيه أما قرأت : { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } الحشر / 7 ؟ ، قالت : بلى ، قال : فإنه قد نهى عنه ، قالت : فإني أرى أهلك يفعلونه ، قال : فاذهبي فانظري ، فذهبت فنظرت فلم تر من حاجتها شيئاً ، فقال : لو كانتْ كذلك ما جامعَتنا .
رواه البخاري ( 4604 ) ، ومسلم ( 2125 ) .
وقال القرطبي في معنى " الواشمة " :
والوشم يكون في اليدين ، وهو : أن يغرز ظهر كف المرأة ومعصمها بإبرة ثم يحشى بالكحل أو بالنثور فيخضر ، وقد وشمت تشم وشما فهي واشمة ، والمستوشمة : التي يُفعل ذلك بها قاله الهروي .
" تفسير القرطبي " ( 5 / 392 ) .
وقال ابن حجر في معنى " النمص " :
المتنمصات : جمع متنمصة ، وحكى ابن الجوزي : منتمصة بتقديم الميم على النون وهو مقلوب ، والمتنمصة : التي تطلب النماص ، والنامصة : التي تَفعله ، والنماص : إزالة شعر الوجه بالمنقاش ، ويسمَّى المنقاش منماصاً لذلك ، ويقال : إن النماص يختص بإزالة شعر الحاجبين لترفيعهما أو تسويتهما ، قال أبو داود في السنن : النامصة التي تنقش الحاجب حتى ترقه .
" فتح الباري " ( 10 / 377 ) .
وقال في معنى " المتفلجات " :
والمتفلجات : جمع متفلجة ، وهي التي تطلب الفلج أو تصنعه ، والفلج بالفاء واللام والجيم : انفراج ما بين الثنيتين ، والتفلج : أن يفرج بين المتلاصقين بالمبرد ونحوه ، وهو مختص عادة بالثنايا والرَّباعيات ، ويستحسن من المرأة ، فربما صنعته المرأة التي تكون أسنانها متلاصقة لتصير متفلجة ، وقد تفعله الكبيرة توهم أنها صغيرة ؛ لأن الصغيرة غالباً تكون مفلجة جديدة السن ويذهب ذلك في الكبر .
" فتح الباري " ( 10 / 372 ) .
قال القرطبي :
وهذه الأمور كلها قد شهدت الأحاديث بلعن فاعلها وأنها من الكبائر ، واختلف في المعنى الذي نهى لأجلها ، فقيل : لأنها من باب التدليس ، وقيل : من باب تغيير خلق الله تعالى كما قال ابن مسعود ، وهو أصح ، وهو يتضمن المعنى الأول ، ثم قيل : هذا المنهي عنه إنما هو فيما يكون باقياً ؛ لأنه من باب تغيير خلق الله تعالى ، فأما مالا يكون باقياً كالكحل والتزين به للنساء فقد أجاز العلماء ذلك .
" تفسير القرطبي " ( 5 / 393 ) .
وانظر السؤال ( 13744 ) .