السلام عليكم
المعاصي والآثام لها تأثير واضح في الصيام، فهي تفسد المعنى الحقيقي للصيام ولكنها لا تعد من المفطرات.
يقول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ
قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} البقرة: 183، و''لعل'' في لغة العرب تفيد الترجي، فالّذي يرجى من
الصوم تحقق التقوى؛ أي أن الصوم سبب من أسباب التقوى.
وبناء على ذلك، فليس الصوم هو مجرد الامتناع عن المفطرات الثلاث الطعام والشراب
والشهوة فحسب، بل لا بد من صوم الجوارح أيضًا، فاليد لا بد أن تكفّ عن أذى النّاس،
والعين لا بد أن تكف عن النظر إلى المحرمات، والأذن لا بد أن تكف عن السماع للمحرمات،
واللسان لا بد أن يكف عن المحرمات كالغيبة والنميمة والكذب ونحوها.. والرِجل لا بد أن تكف عن المحرمات فلا تمشي إلى ما حرم الله.
إن الصائم مأمور بتقوى الله عزّ وجلّ، وهي امتثال ما أمر الله واجتناب ما نهى الله عنه، فعن
أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''قال الله عزّ وجلّ: كل
عمل ابن آدم له إلاّ الصيام فإنّه لي وأنا أُجْزي به. والصيام جُنَّة فإذا كان صوم يوم أحدكم فلا
يرفث ولا يصخب فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل إنّي صائم'' رواه البخاري ومسلم.
فالأصل في المسلم الالتزام بشرع الله كاملاً وأن يأتي بالعبادات كما أرادها الله سبحانه
وتعالى، بأن تكون هذه العبادات محقّقة لثمارها الإيجابية في سلوك المسلم وحياته، وأما إن
كانت الصّلاة مجرد حركات خالية من روحها، والصوم مجرد جوع وعطش، والزكاة للرياء
والسمعة، والحج للشهرة واللقب، فقد خاب المسلم وخسر وحبط عمله وكان من المفلسين يوم
القيامة، كما قال صلّى الله عليه وسلّم: ''أتدرون مَن المفلس؟ قالوا: المفلس فينا مَن لا درهم
له ولا متاع، فقال: المُفلِس مِن أمّتي مَن يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم
هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا، فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن
فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النّار''
رواه مسلم وابن حبان والترمذي والبيهقي وأحمد. والله أعلم