حياة الخُفَّاش
يعيش بعض أنواع الخفافيش في جماعات تصل أعدادها إلى آلاف أو حتى ملايين من الأفراد. وبعضها يعيش وحيدًا أو في مجموعات صغيرة. ومعظم الخفافيش تظلّ نائمة طوال اليوم في أوكارها وكذلك فهي تقوم بتمشيط فرائها وأجنحتها أو ترعى صغارها أثناء النهار.
وقبل الغسق أو الظلمة أو الليل بحوالي الساعة، تبدأ الخفافيش في التحرك في دوائر أو تطير لفترات قصيرة. وعند الغسق، تبدأ الخفافيش في الطيران من أوكارها وتتجه مباشرة إلى سطح الأرض لتبحث عن غذائها. تأكل أنواع كثيرة منها الحشرات، و نوع يبحث عن منطقة خاصة بصنف معين من الطعام، فتبحث بعض الخفافيش عن غذائها في المناطق المكشوفة أو في الغابات الكثيفة أو فوق أسطح البرك.
يأكل كثير من الخفافيش كل ليلة كمية من الأكل تساوي نصف وزنها. ولهذا فهي تستريح في أوكارها، أما أثناء النهار أو في الليالي المختلفة و بعد أن تهضم غذاءها فربما تأكل من جديد، وفي بعض الأحيان وقبل بزوغ الفجر تعود إلى أوكارها النهارية للنوم.
للخفافيش أعداء قليلة، مثل الطيور المفترسة والقطط والبوم والثعابين. وفي بعض الأحيان، يفترس ابن عرس الخفافيش. وتتجنب الخفافيش أعداءها على الأرض وذلك بأن تتدلى من الأماكن المرتفعة. وتعيش بعض أنواع الخفافيش حوالي 15 - 25 سنة.
كيف تحدد الخفافيش اتجاهها. تعتمد بعض الخفافيش على الرؤية وحاسة الشم لتتعرف على اتجاهها لتجد الطعام في الليل المظلم. وتتعرف بعض الخفافيش على اتجاهها عن طريق إصدار الصوت واتباع الصدى. فهذه الأصداء الصوتية تحدث نتيجة لسلاسل من الأصوات ذات الترددات القصيرة والعالية التي تحدثها الخفافيش باستمرار أثناء طيرانها. وعن طريق هذه الأصداء الصوتية، تتعرف الحيوانات على الاتجاه والمسافة للأهداف في المنطقة. هذه العملية الخاصة بأصداء الصوت تسمى تحديد موقع الصدى.
وكل نوع من الخفافيش يستخدم خاصية تحديد موقع الصدى يعمل على أن تكون له طبيعة معينة من الصيحات. معظم هذه الأصوات أبعد من أن تلتقطها الأذن البشرية. ويعتقد بعض علماء علم الحيوان أن الخفاش قد يستعمل الشفاه أو الأنف الورقي ليحدد الأصوات في اتجاه معين أو لهدف محدد كأن تكون حشرة مثلاً، وأن صدى الصوت من الحشرة يعطي للخفاش معلومات عن حركة الفريسة بالإضافة إلى اتجاهها وبُعد المسافة.
الغذاء. يتغذى كثير من أنواع الخفافيش بالحشرات التي تطير أثناء الليل، حيث يصطاد الخفاش الحشرات إما عن طريق الفم، أو غشاء الذيل أو الأجنحة أثناء طيرانه.
تفترس أنواع كثيرة من الخفافيش الحشرات الكبيرة، والعقارب أو العناكب الموجودة على الأرض، وتوجد خفافيش أخرى تلتقط الحشرات من على سطح الماء، إما عن طريق الفم أو عن طريق المخالب. كما تمسك بعض الخفافيش الأسماك بمخالبها. وأنواع قليلة تأكل السحالي والقوارض والطيور الصغيرة وضفادع الشجر، وأحيانًا تأكل الخفافيش الأخرى. ويتغذى الخفاش مصاص الدماء بدماء الحيوانات الأخرى.
تتغذى أنواع مختلفة من الخفافيش الاستوائية بالنباتات. وبعض هذه الأنواع تجمع الرحيق واللقاح من الأزهار ومثل هذه الخفافيش تلِّقح النباتات التي تتغذى بها. وأيضًا تأكل بعض الخفافيش الاستوائية الفاكهة وبذلك تساعد على انتشار بذور كثير من النباتات. وقد تسقط البذور الصغيرة على الأرض من فم هذه الخفافيش أثناء تناولها الغذاء. ومن الممكن أن تجلب الفاكهة ذات البذور الكبيرة إلى أوكارها وتسقط هذه البذور بعد أكل الفاكهة. وقد تترسب البذور في فضلات الخفاش. ولهذا فإن هذه البذور يمكن أن تصل إلى التربة الزراعية وتنبت في أماكن جديدة. ويلاحظ أن الخفافيش التي تأكل الطعام الرطب لا تحتاج إلى شرب كمية كبيرة من الماء. وكثير من أنواع الخفافيش تلعق الماء بلسانها أثناء الطيران قرب سطح بركة أو نهير.
السبات (البيات) الشتوي والهجرة. يلجأ كثير من الخفافيش إلى السبات الشتوي وبعضها يهاجر أثناء الشتاء. وذلك نتيجة لانخفاض درجات الحرارة وندرة الغذاء لقلة الحشرات والنباتات كغذاء في الشتاء. وفي المنطقة المعتدلة (بين المنطقة الاستوائية والدائرتين القطبيتين)، تلجأ الخفافيش إلى السبات الشتوي غالبًا في الكهوف أو المناطق الصخرية. وتعيش الخفافيش على دهن الجسم الزائد المتكون خلال أواخر الصيف أثناء السبات الشتوي.
تهاجر بعض الخفافيش في الخريف إما للبحث عن الطعام أو لتجد مكانًا مناسبًا للسبات الشتوي. وتطير لمسافات طويلة لتجد غطاءً مناسبًا يحميها من المناخ الشتوي القارس. وكثير من الخفافيش التي تسكن في الكهوف تقضي الشتاء بأكمله في المكان نفسه كما تقضي الصيف بأكمله في الأوكار نفسها.
ولا تلجأ خفافيش المناطق الاستوائية إلى السبات الشتوي، حيث إن درجة الحرارة والإمداد بالغذاء يكونان مناسبين طوال السنة. إن المعلومات قليلة عند العلماء عن هجرة خفافيش المنطقة الاستوائية.
التناسل (التكاثر). في كثير من أنواع الخفافيش، تشغل الذكور والإناث مساكن مختلفة. وأيضًا في بعض الأنواع، يمكن أن تعيش الذكور والإناث في مناطق مختلفة أثناء موسم التزاوج الذي يمتد إلى أسابيع قليلة ويمكن أن يحدث في فصل الربيع أو الخريف أو الشتاء وهذا يعتمد على نوع الخفافيش. وقد تبقي الأنثى الحيوانات المنوية للذكر داخل جسمها لعدة أشهر قبل أن تصبح حاملاً. وفي موسم الربيع يمكن أن تترك الخفافيش الحوامل المستعمرة المألوفة وتجتمع مع بعضها في مستعمرة للحضانة تتم فيها الولادة وتنشئة الصغار. ومعظم أنواع إناث الخفافيش تلد صغيرًا مرة واحدة في العام الواحد. وبعضها قد يكون لديه صغيران في العام الواحد، وأنواع قليلة منها قد تلد حتى أربعة صغار في وقت واحد.
يزن الخفاش الصغير المولود حوالي خُمس وزن الخفاش مكتمل النمو. لا تبني الخفافيش عشًا، وعلى هذا فإن الصغير المولود لابد أن يكون عالقًا بالأم أو بمأواه. وفي بعض الأنواع، فإن المولود الصغير يتشبث بالأم لأسابيع عديدة. تمكث صغار بعض الأنواع من الخفافيش في مأواها، حيث تتعلق بمفردها على الصخور أو مع مجموعات. تحتضن معظم أنواع الخفافيش صغارها من 1 إلى 3 شهور.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]